رئيس هيئة التفاوض لـ "الشرق" القطرية

متمسكون بالحل السياسي التفاوضي وندعو لمؤتمر دولي لسوريا

متمسكون بالحل السياسي التفاوضي وندعو لمؤتمر دولي لسوريا

 

8 أيار 2024

قال رئيس هيئة التفاوض السورية الدكتور بدر جاموس، في حوار مع صحيفة الشرق القطرية، إن هيئة التفاوض تعمل على إبقاء الملف السوري حياً، وأن الشعب السوري لن يقبل باستمرار النظام ويريد حلاً سياسياً شاملاً يضمن له حقوقه وكرامته بما ينسجم مع بيان جنيف والقرار الأممي 2254، ودعا إلى عقد مؤتمر دولي لإيجاد حل سياسي يوقف نزيف الدم والتهجير والقتل في سوريا، ويُلزم النظام المضي بالحل السياسي، وثمّن موقف دولة قطر من القضية السورية ودعمها المتواصل على الصعيد السياسي والإنساني للشعب السوري.

وحول دعم دولة قطر للشعب السوري ولمسار تحقيق العدالة لأبنائه، قال رئيس الهيئة:

نُقدّر عالياً مواقف دولة قطر الثابتة من القضية السورية ودعمها لنا على الصعيد السياسي والإنساني، وقد طلبنا من الدوحة مساعدتنا في موضوع اللاجئين خاصة في لبنان، وطبعاً نثمّن الدعم الإنساني الكبير من قطر للاجئين السوريين، ونشكر الدوحة لوقوفها منذ اللحظة الأولى إلى جانب المطالب المحقة للشعب السوري حيث لم تتوانَ ‏عن بذل كل الجهود على كل المستويات: السياسية والحقوقية والإنسانية، ودعمت الشعب السوري في تحقيق العدالة من خلال إيجاد حل سياسي توافقي يحقق مطالبهم.

وحول الملفات التي تعمل هيئة التفاوض على تحقيق تقدّم فيها، قال:

أولاً، أود أن أشير إلى أن هيئة التفاوض هي الهيئة الجامعة لكل أطياف المعارضة، ومهمة هيئة التفاوض هي تطبيق القرارات الدولية والتفاوض مع النظام السوري ومع المجتمع الدولي والدول الفاعلة في الملف السوري لتحقيق الحل السياسي، وحالياً نحن نعمل مع الأمم المتحدة على إعادة تحريك الملف السوري وإعادة إنشاء مفاوضات في جنيف، وفي هذا السياق كان لي لقاءات منذ يومين في مؤتمر بروكسل للمانحين مع عدد من الشخصيات رفيعة المستوى من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الفاعلة في الملف السوري على غرار المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون. هذه هي المرة الأولى التي تُدعى المعارضة السورية ممثلة بهيئة التفاوض إلى هذا المؤتمر، وهذا ثمرة عمل وجهد كبير من السوريين، وطبعاً هدفنا الأساس إبقاء ملفنا السوري حياً والتذكير بأن الأزمة السورية ليست مجمدة وما زالت قائمة، وأن النظام السوري ما زال يُشكّل خطراً على السوريين، إلى جانب العمل على عودة اللاجئين، خاصة وأنه لا توجد مناطق آمنة في سوريا للعودة إليها، وما تُحاول بعض الدول تسويقه بأن هناك أماكن آمنة في سوريا غير صحيح لأن النظام الذي قتل واعتقل السوريين، لا يمكن أن يكون نظاماً آمناً دون أن يكون هناك حل سياسي يُغيّر هيكلية هذا النظام.

هذا النظام لا يمكن أن يحقق الأمن في سوريا، بالتأكيد كان لنا اعتراضات كبيرة على المبعوث الخاص في الإحاطة الأخيرة عندما قال إنه يجب تحقيق البيئة الآمنة والمحايدة، والحال أنه لا يمكن للنظام أن يُحقق البيئة الآمنة والمحايدة، بل هذا دور يمكن أن تحققه هيئة الحكم الانتقالي، وليس النظام، لا يمكن لهذا النظام أن يُحقق بيئة آمنة، فهو من قَتَلَ السوريين، ولا يمكن أن يحقق بيئة حيادية، هو من يحتكر سوريا له، فلا يمكن أن يكون حيادياً.

لدينا فعاليات في جنيف عن المعتقلين بدعم من الخارجية البريطانية بحضور دولي وسوري للتركيز على ملف المعتقلين الذين دفعوا ثمناً غالياً جداً بالسجون، وهو من الملفات المهمة على طاولة هيئة التفاوض إلى جانب الموضوع الإنساني، حيث نعمل بكل جهد لحشد دولي لزيادة الدعم الإنساني للشعب السوري خاصة في مناطق الشمال السوري الذي يُعاني من احتياجات هائلة، اليوم خط الفقر أكثر من 70% أي وصلنا إلى خط المجاعة، لذلك نُطالب الدول بزيادة الدعم الإنساني، ولدينا اعتراضات على بعض الدول التي تتكلم عن موضوع التعافي المبكر مما يعني إعادة إنعاش نظام الأسد دون البحث عن حل سياسي، كلما استمرت الأزمة السياسية ستزداد الاحتياجات الإنسانية، يجب التفكير في كيفية إيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمة الإنسانية وليس العكس، ونحن نتابع هذا الموضوع بشكل وثيق مع الأمم المتحدة ومع الدول الداعمة.

تغير الأولويات

ورداً على سؤال حول استمرار وجود النظام السوري بعد 14 عاماً من الثورة، وعدم نجاح قوى المعارضة السورية في تحقيق إنجازات ملموسة للوصول إلى حل سياسي، وهل هذا يعني فشل قوى الثورة السورية، قال:

 هذا السؤال في الحقيقة لابد أن يُوجّه إلى عدد من الدول، لأن الصراع بين الشعب السوري والنظام، تحوّل إلى صراع دولي للدفاع عن هذا النظام، للأسف الدول التي كانت في الطرف الآخر والتي تُواجه مخاطر هذا النظام تغيرت أولوياتها بسبب الصراعات الدولية والأمور الاقتصادية بسبب الكورونا، وبدأت الدول تُفكّر في وضعها الداخلي أكثر من تحقيق حل سياسي عادل في سوريا.

منذ بداية الأزمة، كنا نقول نريد حلاً سياسياً، نريد تغييراً في منهجية هذا النظام، لم يكن هدفنا تدمير سوريا بالاستمرار في حرب إلى ما لا نهاية، لهذا السبب نحن قبلنا منذ بداية طرح بيان جنيف وقلنا نحن جاهزون أن نذهب إلى حل سياسي يوقف نزيف الدم والتهجير والقتل لتشكيل دولة جديدة، لكن النظام منذ البداية رفض كل الحلول السياسية.

عملياً لا يمكن تحميل المعارضة كل المسؤولية لعدم الوصول إلى حل سياسي، أعتقد أن الموضوع أكبر من قضية معارضة، أين مجموعة دول أصدقاء الشعب السوري؟ وكذلك مجلس الأمن يجب أن يتحمل مسؤوليته، وأيضاً الدول التي أصدرت القرارات الدولية ولم تطبقها. نحن تعاونّا مع المجتمع الدولي في 2012 و2015 حين أصدروا البيانات الدولية وقلنا نحن معكم، ذهبنا إلى جنيف للتفاوض على تحقيقها، حقيقة فإن رمي الموضوع على المعارضة السورية فيه ظلم كبير، واليوم هناك رفض شعبي، يعني حتى لو ذهبت المعارضة السورية غداً إلى دمشق ووافقت أن تضع يدها بيد هذا النظام، هل سيُحلُّ الملف السوري أو يعود السوريون إلى بيوتهم؟ لا، هناك أكثر من 15 مليون سوري في مناطق الشمال الشرقي والشمال الغربي وفي تركيا وفي الأردن وفي مصر وفي قطر وفي العراق وفي أوروبا، هم يرفضون هذا النظام. اليوم الدول الأوروبية تُعاني من إشكالية الحرب في أوكرانيا، إلى جانب الحرب في غزة، مما يُضعف الاهتمام بالملف السوري، الجميع يُحاول أن يُخفف من هذه الأزمات، بالنسبة لنا الحل يجب أن يكون شاملاً، وبدون مؤتمر دولي لحل القضية السورية ستبقى الأمور على ما هو عليه.

موقفنا لم يتغير

وعن التصورات حول المؤتمر الدولي لحل الأزمة السورية، أوضح:

بما أن مجلس الأمن معطل، وهناك فيتو على قراراته، على بقية الدول أن تتحمل مسؤوليتها وتعقد مؤتمراً دولياً للضغط على الجهة التي ترفض الحل السياسي، والكل يعرف اليوم، العرب والأوروبيون والأمريكيون أن من يعطل الحل السياسي في سوريا ليست المعارضة بل هو النظام الذي يرفض أن يأتي إلى جنيف ويتفاوض على الدستور وعلى هيئة الحكم الانتقالي وعلى الانتخابات التي يجب أن تكون تحت إشراف الأمم المتحدة، المعطل واضح والذي يتجاوب واضح، منذ عام 2014 نحن على طاولة المفاوضات، يعني اليوم مر علينا عشر سنوات، ذهبنا إلى كل المحافل الدولية لإيقاف الأزمة عن أهلنا من المهجرين والمعتقلين، نريد الوصول إلى حل سريع بالتأكيد، ولكن هذا الحل إذا لم يكن مرضياً للسوريين، فلن يُحقق استقراراً وسلاماً مستدامين.

وعن الحديث عن تحول في مطالب القوى السورية للمعارضة من التفاوض على مرحلة انتقالية بعد تنحي الأسد إلى مطالب أقل خاصة بالدستور وبحكومة مشتركة، قال:

قبِلَتْ المعارضة منذ 2014 ببيان جنيف الذي يتحدث عن بناء دولة جديدة وتشكيل نظام قائم على العدل وحرية الإنسان من خلال تشكيل هيئة حكم انتقالي تجمع كل الأطراف غير المتورطة في الدماء والتي لم تشارك في قتل السوريين، إن كان من طرف النظام أو من طرف المعارضة، وتقوم هيئة الحكم بتشكيل دستور جديد، ثم تذهب إلى انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، ومن ينتخبه الشعب السوري هو من يحكم بشكل ديمقراطي، ونحن آمنا بهذا منذ 2014 ونعمل عليه، هذا ما نقوله ولم يتغير موقفنا.

الشعب لن يقبل باستمرار النظام

وعن رده على أن المعارضة السورية تعيش انقسامات داخلية ولم يعد لديها نفس المطالب والتوجه المشترك، قال:

أعتقد أن هذا الكلام محاولة إعلامية من جهات عديدة لتغيير الواقع، هذا الكلام غير صحيح، مطالبنا هي نفسها، وأصبح لدى المعارضة اليوم وعي أكثر، تستخدم مصطلحات قانونية ودبلوماسية وسياسية تتناسب مع محافل الأمم المتحدة، وبالنهاية النتيجة واحدة بالنسبة لنا، وبالنسبة للمجتمع الدولي، عندما نقول نريد تطبيق القرار الدولي سنصل إلى نفس الهدف هو تغيير النظام الحالي. نحن لا نقبل بهذا النظام الحالي وليس هناك تغيير لأهدافنا لأنها مطالب الشعب السوري، دخلنا بالعام الـ 14، والشعب السوري ما زال صامداً، ولا يقبل باستمرار النظام ويريد حلاً سياسياً شاملاً. قبل عشرة أيام كنت في داخل سوريا، كنت في مدينة أعزاز وفي مدينة الباب ومدينة جرابلس، التقيت الناس في المخيمات وسمعت منهم رغبتهم المتواصلة في تحقيق أهداف الثورة السورية، هذا الشعب لا يمكن أن يقبل -بعد كل هذه التضحيات بمئات آلاف الشهداء والمعتقلين والمهجرين والنازحين- أن يتم تجاهل القضية السورية، سنقاتل من أجل الحصول على مصالح شعبنا وندافع عن قضيتنا في كل مكان وفي كل المحافل الدولية.

وفيما إن كان النظام السوري ليس مسيطراً على أكثر من 50% من الأراضي السورية، قال:

بالتأكيد هذه كذبة استخدمها بعض الإعلام، الحقيقة أن نظام الأسد غير مسيطر على الأراضي الموجود فيها، على سبيل المثال، درعا منذ أكثر من أربع سنوات ونصف يدعي النظام أنه مسيطر عليها، كل العالم يعلم أن هذا غير صحيح والنظام ليس مسيطراً على درعا ولا على السويداء ولا حمص، اليوم دولة الأسد فاسدة، كل الأجهزة تعمل بالفساد.

النظام اليوم يدعي السيطرة على 58% من الأراضي، أي أن هناك 42% من الأراضي خارج سيطرة النظام، لا أتكلم عن درعا والسويداء، أتكلم عن باقي المناطق، يعني بعد الدعم العالمي للنظام وهو غير قادر على السيطرة على أكثر من 60%. ونحن بكل إمكانياتنا الضعيفة والبسيطة ما زال لدينا 40% خارج سيطرة هذا النظام، بالإضافة إلى أكثر من 17 مليون سوري خارج سلطة النظام، ونحن نسافر ونلتقي مع هؤلاء الناس، أغلبيتهم رافضون لهذا النظام ولا يريدون العودة تحت سلطة هذا النظام. الحقيقة أن هناك صموداً أسطورياً من شبابنا ومقاتلينا بعد 14 سنة في ظل توقف الدعم الدولي عنهم، الولايات المتحدة الأمريكية أوقفت الدعم العسكري منذ عام 2017 بينما يجد نظام الأسد دعما كبيراً من عدد من الدول الكبرى.

وعن وسائل التعامل مع تحديات قضية اللاجئين السوريين، أوضح:

هي أزمة حقيقة، بالنسبة لقضية المخيمات في الشمال، وبالنسبة للاجئين في الدول الأوروبية، إلى متى هذا الوضع في المخيمات؟ ماذا ستُخرِّج في المستقبل؟ هذه أسئلة الجميع يسألها ونحن نسألها، نريد بالتأكيد إخراج أبنائنا من المخيمات، دمجهم في الحياة، إبعادهم عن المنظمات غير السوية، كل هذا الموضوع نعمل عليه ولكن بحاجة إلى أن عدداً من دول العالم تتحمل مسؤوليتها، ليس فقط رمي الموضوع على المعارضة السورية، ماذا تستطيع أن تفعل؟ المعارضة السورية اليوم أمام 25 مليون سوري جميعهم تحت خط الفقر، جميعهم في دول اللجوء، وهذه الدول أُرهقت من الموضوع وتبحث عن حلول، وتفكر بمشاكلها الداخلية، لكن اللاجئ لن يعود إلى الموت عند النظام؟ من يضمن حياة السوريين في مناطق تحت سلطة هذا النظام؟

 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية